تتزامن البيانات التحذيرية الخليجية على الساحة اللبنانية مع التصعيد الحاصل في المنطقة وخصوصاً لجهة النزاع الايراني - الإماراتي حول الجزر الثلاثة في مضيق هرمز جنوب الخليج العربي (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، بالإضافة إلى نزاع طهران مع كل من الرياض والكويت حول حقل الدرّو للغاز، والذي تعتبرانه ملكاً لهما وحدهما.

حتى اللحظة لم يبطُل العجب الذي ترافق مع طلب المملكة العربية السعودية خلال عطلة نهاية الأسبوع الفائت، من رعاياها في لبنان المغادرة على وجه السّرعة! لتسير في ركبها وبلا سابق إنذار كلّ من البحرين والإمارات، فيما حذَّرت كلّ من قطر وسلطنة عمان والكويت بالإضافة إلى ألمانيا مواطنيها من الاقتراب من مناطق الاضطرابات في لبنان (مخيم عين الحلوة - صيدا الذي شهد اشتباكات مسلحة الأسبوع الفائت).

وهو العجب نفسه الذي انعكست ملامحه على بيانات وتصاريح قادة الصّفّ الأول، فرئيس مجلس النواب نبيه برّي لم يرَ مبرراً لكلّ تلك الدعوات، لافتاً في حديث صحافي، أمس الأحد، إلى أنّ "لا شيء أمنياً يستدعي ذلك، وأنَّ حصر التحذير بمناطق الإشتباك القريبة من عين الحلوة يمكن تفهّمه، ولكنّ الدّعوة لمغادرة الرعايا غير مفهومة".

وأشار برّي إلى أنّ الوضع في عين الحلوة هادىء منذ 3 أيام، متسائلاً: "فلماذا تلك البيانات التحذيرية؟". وبينما أوضح بأنّ الموفد الفرنسي جان إيف لودريان تكلّم معه نقلاً عن اللقاء الخماسي طارحاً الحوار الوطني وليس الحوارات المتفرّقة، شدّد برّي على أنّه "مستمرّ بترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية حتّى النهاية".

وفي موضوع حاكم مصرف لبنان بالنيابة وسيم منصوري، قال برّي: "فليطبّق قانون النقد والتسليف بحذافيره"، أمّا ردّاً على سؤال حول العقوبات ووصفه بأنّه امتداد لحزب الله، تابع: "انا امتداد لكلّ شيء، ومتل ما قلت قبل أنا بري وبحلاش عالرّصّ".

جنبلاط: "يبدو هناك أمور نجهلها"

تزامناً، قال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقائه برّي في مقرّ الرئاسة الثانية في عين التينة، "لم نفهم سوياً انا وبري لماذا هذا التخوف لبيانات السفارات، يبدو هناك أمور نجهلها لكن في موضوع مخيم عين الحلوة يبدو الأمور محصورة إلى حدّ ما، والجهود الفلسطينية واللبنانية ربما ستؤدي إلى حلّ".

وأضاف: "احببت بعد مدة من عدم رؤية بري نتيجة بعض الظروف الخاصّة أن أزوره، وهذه زيارة طبيعية لصديق وحليف يجمعنا معه نضال مشترك، وكان هناك جولة إستعراض عامّة لا أكثر ولا أقلّ تكلمنا بكل شيء بالطقس والسياسة وبالبوادر الإيجابية ألا وهي ما سيجري آخر الشهر أو الشهر المقبل في موضوع الحفر في الجنوب حول الثروة اللبنانيه (النفط والغاز)، وكما فهمت أيضاً أخيراً سوف يظهر الصندوق السيادي لجميع اللبنانيين وهذا مهمّ جدا".

نزاع إيراني - خليجي على حقل للغاز وجزر ثلاث في مضيق هرمز 

وتتزامن البيانات التحذيرية الخليجية على الساحة اللبنانية مع التصعيد الحاصل في المنطقة وخصوصاً لجهة النزاع الايراني - الإماراتي حول الجزر الثلاثة في مضيق هرمز جنوب الخليج العربي (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى)، بالإضافة إلى نزاع طهران مع كل من الرياض والكويت حول حقل الدرّو للغاز، والذي تعتبرانه ملكاً لهما وحدهما.

وفيما هدّدت طهران بمواصلة عمليات التنقيب، وجهت دعوة لوزير الخارجية الكويتي الشيخ سالم عبد الله الجابر الصباح لزيارتها للبحث في سبل حلّ المسألة. في حين جددت الدولتان دعواتهما "السابقة والمتكررة لطهران حول الحدّ الشرقي للمنطقة المغمورة المقسومة مع المملكة العربية السعودية ودولة الكويت كطرف تفاوضي واحد، وإيران كطرف آخر، وفقاً لأحكام القانون الدولي ومبادئ حسن الجوار".

كذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، الأسبوع الفائت "رفضها للبيان الخليجي - الروسي بشأن الجزر المتنازع عليها مع الإمارات، حيث استضافت موسكو، اجتماعاً لوزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي تحت عنوان" الحوار الاستراتيجي بين روسيا ومجلس التعاون الخليجي".

ومن جهته، حذر المتحدث باسم هيئة الأركان الإيرانية، العميد أبو الفضل شكارجي من سمّاهم "الطامعين في الاستيلاء على الجزر الثلاث"، قائلاً: إنَّ هؤلاء الطامعين "يجب أن يروا جانباً من سلاحنا لكيلا يرتكبوا خطأ في حساباتهم".

وفي إشارة إلى مناورات القوة البحرية للحرس الثوري في مضيق هرمز، التي جرت قبل أيام، أضاف شكارجي إنّها "مناورات تحمل رسالة، ورسالتها إلى دول المنطقة هي التخلّص من التبعية للأجانب لإحلال الأمن، ثقوا بنا ونحن سنضمن إحلال الأمن في هذه المياه".

قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني زار سوريا للاطلاع على الجهوزية العسكرية 

كذلك، استقبل المرشد الايراني الأعلى السيد علي خامنئي، أمس الأحد، المجموعة "86" البحرية التابعة للجيش الإيراني بعد مهمة أنجزتها وُصفت بالتاريخية، اذ قال أمامهم: "إنّ الحضور في أعالي البحار والمحيطين الهادئ والأطلسي يساعد في حفظ أمن البلاد".

إلى ذلك، زار قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال إسماعيل قاآني سوريا، نهاية الأسبوع المُنصرم، إذ أكَّد بعد جولته على المواقع الميدانية للاطلاع على الجهوزية العسكرية هناك، أنّ "المبادرة في المنطقة بيد محور المقاومة"، بينما يُقرأ من بين سطور هذه الزيارة توجيه رسائل في اتجاهات متعددة خصوصاً وأنّ الولايات المتحدة لا تتوانى في الفترة الأخيرة عن تعزيز قواعدها في مثلث التنف بين سوريا والأردن والعراق.

هل كل ذلك من قبيل الصدفة؟ أيام قليلة ستكون كفيلة بكشف الأحداث المقبلة على المنطقة أكانت إنفجاراً عبر تصعيد عسكري غير مسبوق، أم انفراجاً من خلال انعاش الاتفاق السعودي - الايراني والسعودي - السوري من جديد، وعندها يُصبح حلّ الأزمة اللبنانية تفصيلاً في لوحة الـ"بازل" الإقليمية.