إذا كانت كرة القدم الأوروبّيّة تعيش في عصرنا اليوم هاجس غياب لاعبيها المحلّيّين في البطولات الخمس الكبرى وأبرزها بطولة الـ"بريمير ليغ" الّتي تشهد أنديتها حاليّاً غياباً كاملاً لمواطنيها البريطانيّين عن التشكيلات الأساسيّة بين فرق النخبة فيها، فإنّ هذا الواقع يعود إلى العولمة الّتي شهدتها الرياضة على مساحة الكرة الأرضيّة مع انفتاح العالم بعضه على بعض، وهو السبب الرئيسيّ في هذا التغيير الجذريّ الّذي أصاب كرة القدم منذ عقد إلى اليوم، لتصل ارتداداته اليوم أيضاً إلى الرياضة الّتي كانت تعتبر دائماً عصيّة عن التغيير وهي كرة السلّة الأميركيّة للمحترفين، إذ سقط هذا الاستثناء إلى غير عودة بالأدلّة والوقائع.
فكرة السلّة الأميركيّة NBA الّتي كان يتغنّى الأميركيّون بأنّهم أسيادها وملوكها ولا مكان للآخرين فيها سوى تكملة العدد هي اليوم أمام معضلة أنّ ملكها وآخر أبطالها الأميركيّين لبرون جيمس يعاني من تراكم الإصابات، وقد همس في آخر تصريحاته الصحافيّة وهو في عمر الـ41 عاماً بـ"أنّه يتوقّع اعتزاله في وقت قريب".
وللمفارقة، فإنّ ألقاب "أفضل لاعبي NBA" في السنوات الخمس الأخيرة لم تكن لنجم أميركيّ، فحامل اللقب لهذا الموسم هو فريق أوكلاهوما سيتي ثاندر وقائده الكنديّ شاي جيليوس ألكسندر الذي سجّل لفريقه أوكلاهما 33 نقطة في المباراة وأحدث الفارق في إحراز أوكلاهما لقب البطولة.
وقبل شاي جيليوس ألكسندر، قاد العملاق الصربيّ نيكولا يوكيش فريق دنفر ناغتس إلى إحراز لقب بطولة الدوري الأميركيّ للمحترفين في عام 2023 واختير لثلاثة أعوام كأفضل لاعب في البطولة.
ولم تقتصر النجوميّة على يوكيتش الذي يُعتبَر اليوم اللاعب الأبرز في العالم في كرة السلّة، بل كان اليونانيّ يانيس أنتيتيكومبو هو كلّ الفارق لقيادة فريقه ميلووكي باكس إلى إحراز لقب الدوري الأميركيّ للمحترفين في عام 2021 وهو الذي اختير أيضاً اللاعب الأفضل على مجمل البطولة في عامي 2019 و2020 .
فالبطولة الأميركيّة تعيش تغييراً جذريّاً في أسماء نجومها، بعدما بات للأوروبيّين ضمن العديد من فرقها كلمة الفصل، وفي مقدّمتها فريق لوس أنجلس لايكرز أعرق أندية كرة السلّة في العالم، إلى جانب خصمه التاريخيّ بوسطن سلتيكس.
ففريق اللايكرز الّذي تغنّى بأنّه ضمّ في صفوفه أساطير السلّة الأميركيّة من جيري ويست وكريم عبد الجبّار وماجيك جونسون، وصولاً إلى شاكيل أونيل وكوبي براينت والملك لبرون جيمس الّذي يشغل اليوم مركزاً ثانويّاً في الفريق خلف القائد الأوّل السلوفينيّ لوكا دونتشيتش (26 عاماً) فقط والذي يعتبر اليوم اللاعب الأكثر تكاملاً في الولايات المتّحدة والعالم واللاعب الأكثر تسجيلاً في البطولة الأميركيّة في عام 2024 .
وليس بعيداً عن مدينة الأضواء لوس أنجلس، فقد تعاقد نادي سان أنطونيو سبيرز في الموسم الماضي قبل أن يتقاعد مدرّبه التاريخيّ غريغ بوبوفيش، مع الظاهرة الفرنسيّة ابن الـ21 عاماً فيكتور وينبانياما ليكون الركيزة الأساسيّة للسنوات العشر المقبلة لفريق ولاية تكساس الأميركيّة.
من هنا، لم تعد كرة السلّة الأميركيّة في عصرنا اليوم ملكاً للأميركيّين. فالغزوة الأوروبّيّة لها أصبحت حاجة لا بل ركيزة لفرقها لمحاولة السيطرة على اللقب... وأصبحت كرة السلّة حكماً للعالم أجمع، ولهذا فإنّ العديد من مواجهاتها أصبحت اليوم تخاض في مناسبات بين الإمارات العربيّة المتّحدة والصين واليابان وفرنسا أيضاً.
يرجى مشاركة تعليقاتكم عبر البريد الإلكتروني:
[email protected]