لم تعد كرة القدم في عصرنا اليوم كما كان يتباهى بها العالم لعقود بأنّها رياضة الفقراء أو الرياضة الشعبيّة التي هي في متناول الجميع. فهي حتماً لم تعد مسرحًا للتنافس بشعارها الذي يتغنّى به الاتّحاد الدوليّ "فيفا" اللعب النظيف "Fair Play".
ففي الماضي كان لمتابعة كرة القدم هدف سامٍ هو التشجيع الرياضيّ بامتياز واليوم تحوّلت اللعبة إلى سوق تجاريّة بامتياز وباتت الملايين لا بل المليارات تتطاير فيها بكلّ جولة أو بطولة. فقد أصبحت كرة القدم وبطولاتها مزيجاً من ملايين يتقاضاها اللاعبون للتنافس في بطولات تتهافت عليها الجماهير لحجز مقاعد لها لمتابعتها ولو بأسعار خياليّة، وكذلك وسائل الإعلام بضخّها الملايين لشراء حقوق بثّها، أضف إليها عشرات من الملايين الّتي يرميها المشاهدون في سوق المراهنات بينما يتهافت المعلنون والرعاة لحجز أماكن لتسويق منتجاتهم في إعلانات مزروعة على طول الملاعب بأرقام ضخمة.
وتتصدّر بطولات النخبة في أوروبّا رأس القائمة من حيث قيمة الجوائز الماليّة في عام 2025، إذ يخصّص بعض الدوريّات في أوروبّا وكذلك البطولات الوطنيّة أو القارّيّة جوائز ماليّة تتجاوز ميزانيّات دول عدّة حول العالم، ما يحوّل تلك المنافسات من مواجهات للمنافسة على الألقاب إلى منافسة اقتصاديّة غير مسبوقة.
وجاء ترتيب أعلى الجوائز الماليّة لعام 2025 ضمن بطولات كرة القدم لموسم 2024-2025 حسب تقارير الـ"فيفا" والاتّحاد الأوروبّيّ الـ "يويفا" ووكالة "أسوشيتد برس"، ليكشف كم تحوّلت لعبة كرة القدم إلى عالم أعمال أنفق بعيد جدًّا عن المفهوم الرياضيّ الشكل، لتكون أرقامها هي الأعلى بين العديد من الاستثمارات الاقتصاديّة العالميّة.
وتتصدّر مسابقة دوري أبطال أوروبّا في كرة القدم تلك الواجهة، حيث إنّ إجماليّ قيمة الجوائز للفرق المشاركة في دوري الأبطال وصل إلى مليارين و700 مليون دولار، وذلك في مردود تصاعديّ عموديّ، إذ إنّ إجماليّ الجوائز لدوري الأبطال في الموسم الماضي كان نحو مليارين فقط بزيادة وصلت هذا العام إلى 700 مليون دولار، بينما كان إجماليّ تلك الجوائز قبل عشر سنوات في عام 2015 مليار و400 مليون دولار.
وعلى صعيد البطولات الوطنيّة الأوروبّيّة الكبرى، فإنّ إنكلترا هي الأبرز وبفارق كبير عن البطولات الأوروبّيّة الأخرى، إذ إنّ إجماليّ الجوائز والحوافز الماليّة في الدوري والكأس في إنكلترا هي الأعلى، وقد وصلت إلى مليارين ونصف مليار دولار في عام 2025 وهي أعلى بكثير من كلّ البطولات الكبرى الأخرى. ويحتلّ الدوري الألمانيّ الـ"بوندسليغا" المركز الثاني في ترتيب إجمالي الجوائز الماليّة مع مليار و260 مليون دولار ومن خلفه الدوري الإيطاليّ مع مليار و200 مليون، بينما يتراجع مردود إجماليّ بقيّة البطولات الكبرى في أوروبّا وفي مقدّمتها إسبانيا وفرنسا إلى أقلّ من نصف مليار دولار.
وتبقى الإشارة إلى أنّ بطولة كأس العالم للأندية شهدت طفرة ماليّة غير مسبوقة، بعدما قرّر الاتّحاد الدوليّ لكرة القدم رفع إجماليّ قيمة الجوائز الماليّة إلى مليار دولار، مقارنة بقيمة تراوحت بين 50 و100 مليون دولار في النسخ السابقة، مع زيادة عدد الأندية المشاركة إلى 32 نادياً.