على وقع التأخّر، بل التأخير المتمادي في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، الذي يلقي البعض اللوم فيه على "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" لعدم توافقهما على مرشح جدي ومعارضتهما المطلقة لترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، بدا ثمة تململ في الوسط المسيحي من موقف هذا الثنائي مشفوعاً برفع صوت يرفض "هيمنة البعض" على القرار المسيحي من دون الأخذ بمواقف بقيّة الفرقاء السياسيين المسيحيين في الاعتبار.

ويقول مصدر سياسي مسيحي إنّ المواقف التي يتخذها نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي خَرَجَ أو أُخرج من "التيار الوطني الحر"، هو أبرز تعبير عن هذا الرفض، بل إنّه يشكّل بداية ذوبان "رأس جبل الجليد" في اتجاه تحرّر بو صعب وأمثاله أفراداً وجماعات من هيمنة "الثنائي المسيحي" الذي لم يتمكّن بعد من أن يكون شبيهاً بـ"الثنائي الشيعي" محتوى ممارسات وعلاقات في ما بين طرفيه ومع الفرقاء الآخرين.

المواقف التي يتخذها نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب، الذي خَرَجَ أو أُخرج من "التيار الوطني الحر"، هو أبرز تعبير عن هذا الرفض

ويكشف هذا المصدر أنّ عدداً كبيراً من السياسيين المسيحيين يواظبون منذ أشهر على الاجتماع ببو صعب تحت شعار أنّ الطوائف المسيحية الصغرى باتت لا تستطيع تقبّل حالة ربط نفسها بـ"مارونية سياسية فاشلة"، معتبرين أنّه في ما حصل له مع قيادة "التيار الوطني الحر" إنّما دفع ‫ثمن استقلاليته عن التيار، وبالتالي عن المارونية السياسية التي تظهر من خلال الممارسة والتجربة أنّها لا تقيم وزناً للطوائف المسيحية الصغيرة وحتى للطائفة الارثوذكسية التي تعتبر الرابعة من حيث الحجم والحضور والفعالية إلى جانب الطوائف الأخرى.

ويضيف المصدر المسيحي أنّ بو صعب بدأ يتلقّى من شرائح مسيحية متعدّدة تأييداً لمواقفه واستعداداً لدعمها والوقوف إلى جانبه فيها. ويشير إلى أنّ الطوائف المسيحية الصغيرة تعتبر نفسها غير معنية أو ملزمة بما تتخذه المارونية السياسية من خيارات ومواقف، إذ إنّها ترى نفسها دوماً مستبعدة من أيّ اجتماعات في بكركي حيث تضمّ هذه الاجتماعات السياسيين الموارنة وتستثني السياسيين المسيحيين الآخرين، الذين حالهم تقول إنّهم إذا كانوا مثلاً لا يؤيّدون سياسة رئيس مجلس النواب نبيه بري وخياراته والدور الذي يقوم به، فإنّهم في قرارة أنفسهم يعتبرون أنّ بري يتصرف على أساس أنّه مؤتمن على أبناء الطائفة الشيعية، والأمر نفسه من وجهة نظرهم ينطبق على جنبلاط الذي لا يمكن اعتباره غير مؤتمن على الدروز ومصالحهم. في حين أنّ المسيحيين المستقلّين سواء كانوا من الطائفتين المارونية والأرثوذكسية أو من الطوائف المسيحية الصغيرة لا يشعرون أنّ من يتصدرون المارونية السياسية يتصرّفون على أساس أنّهم مؤتمنون على جميع المسيحيين نتيجة المواقف والخيارات التي يعتمدونها وتضرّ بالمسيحيين.

ويخلص أحد السياسيين الذين يتردّدون إلى بو صعب إلى القول إنّ الذين يعارضون ترشيح فرنجية يسود بينهم كثير من التناقضات والخلافات، فهم يلتقون على معارضة كلّ شيء له علاقة بسوريا، وبالتالي فإنّ معارضتهم لفرنجية إنّما سببها "خوف غرائزي من سوريا"...