يقول قريبون من رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري إنّه بعد جولة الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الأخيرة وما انتهت إليه، فقد حسم الأمر بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي، وهو أنّ الحوار ثم الحوار هو المعبر الأساسي لإنجازه. وأكّد هؤلاء أنّه لن تكون هناك لقاءات بعد اليوم أو اجتماعات للمجموعة الخماسية على مستوى سفرائها في لبنان، لكن هذا لن يمنع أيّاً منهم من زيارة هذا المسؤول أو الكتلة النيابية أو تلك، وهذا لن يقدّم أو يؤخّر بشيء في ما هو مطلوب من حوار تمهيدي لانتخاب رئيس الجمهورية.
كذلك يؤكّد القريبون من بري أنّ ربط البعض بين الاستحقاق الرئاسي وبين الوضع في غزة والجنوب ليس واقعياً، اذ يمكن الشروع في إنجاز هذه الخطوة الدستورية من دون انتظار حصول وقف لإطلاق النار، وأنّ لودريان تبلّغ بوضوح من بري ومن رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد أنّ الثنائي الشيعي وحلفاءه لا يقيمون هذا الربط بين الأمرين، وأنهم على استعداد للمشاركة في أيّ حوار من دون شروط مسبقة للتفاهم على انتخاب رئيس في أسرع وقت.
وأكثر من ذلك، فقد سمع بري من المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي، الذي التقاه أخيراً على هامش التعزية في طهران بالرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، دعوة صريحة وتشجيعاً كبيراً على انتخاب رئيس للبنان من دون انتظار الأوضاع في المنطقة، التي قد تتأخّر معالجتها إلى أجل غير معلوم.
يؤكّد القريبون من بري أنّ ربط البعض بين الاستحقاق الرئاسي وبين الوضع في غزة والجنوب ليس واقعياً، اذ يمكن الشروع في إنجاز هذه الخطوة الدستورية من دون انتظار
ملفّ النازحين
وعلى صعيد ملفّ النازحين السوريين، يقول أحد السياسيين إنّ التعامل الدبلوماسي اللبناني والمشاركة اللبنانية في مؤتمر بروكسل الأخير حول سوريا ونازحيها لم يكونا في المستوى المطلوب، لا في التعبير المطلوب عن الموقف ولا في فرض تغيير في جدول أعمال المؤتمر بما يفيد مصلحة لبنان. إذ كان المطلوب من لبنان أن يؤكّد خلاله أنّ الحل الأساسي للنازحين السوريين يكون بتحسين الوضع الاقتصادي في سوريا، لكي يتمكّن هؤلاء من العودة إلى بلادهم، فما يؤثر سلباً على لبنان، كما على سوريا في هذا المجال، هو قانون قيصر الذي أقر قبل 10 سنوات، وسينتهي مفعوله نهاية هذه السنة ولكن احتمال تمديد العمل به لا يزال قائماً.
ويقول السياسي الذي اطلع على ما دار في مؤتمر بروكسل إنّه كان هناك نزاع عنيف يخوضه البعض ضد النظام السوري وفي ظلّ المقاطعة العربية له، لكن اليوم عادت سوريا إلى الجامعة العربية وباتت علاقتها جيدة جداً مع دول الخليج العربي، التي كانت تشكّل رأس حربة في مقاطعته، وفي هذا الوقت لا تعلن الولايات المتحدة الاميركية أنّها تريد تغيير النظام، وإنّما تريد له أن يغيّر في سلوكه. فلقد كانت هناك فرصة للبنان أن يطالب خلال المؤتمر برفع العقوبات عن سوريا، بما يمنع التهريب ويدعم الاقتصاد السوري إذ إنّ من شأن هذا الأمر أن يحسن الاقتصاد اللبناني، خصوصاً مع انطلاق ورشة الإعمار في سوريا التي ستبدأ بمجرّد رفع العقوبات عنها.
ولفت هذا السياسي المطّلع على الموقف الأميركي إلى أن لا أحد من النواب الذين شاركوا في الجلسة الأخيرة التي أوصت الحكومة بالعمل مع الجانب السوري لإعادة النازحين، طالب برفع العقوبات عن سوريا، في الوقت الذي يعلم الجميع أنّ الرئيس السابق دونالد ترامب إذا فاز في الانتخابات المقبلة وعاد إلى البيت الأبيض سينسحب من سوريا، ولن يخوض في مشكلات جديدة معها نسبة إلى العلاقة القائمة بينه وبين الجانب الروسي، وهي علاقة ستنعكس حتماً على النظام السوري الذي تدعمه موسكو بقوة.
ولذلك يرى السياسي نفسه أنّ المطلوب من لبنان بذل جهود دبلوماسية كبيرة للحؤول دون تمديد العمل بقانون العقوبات في الكونغرس الأميركي، خصوصاً أنّ المؤشّرات تدلّ إلى الآن على أنّ هذا التمديد سيحصل، ليستمرّ الشعب السوري في المعاناة بسبب العقوبات التي يفرضها هذا القانون، الذي يستفيد منه المهرّبون بالدرجة الأولى. في حين أنّ مساعدة السوريين تكون برفع العقوبات عنهم وليس بفتح البحر أمام النازحين منهم، فإدارة ترامب الجمهورية التي ستشكّل في حال فوزه ستنفتح على روسيا، وستكون وسوريا جزءاً من الحوار الأميركي ـ الروسي في هذه الحال، ومن هنا المطلوب منذ الآن من مختلف القوى السياسية في لبنان الضغط في اتجاه رفع العقوبات عن سوريا، أو على الأقل أن يتم اقتصارها على النظام في ذاته، وليس على الشعب السوري، إذا كان الأميركيون سيستمرّون في موقفهم المعارض للنظام.