مستبقاً زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى فرنسا للمشاركة في احتفالات ذكرى النورماندي في 6 حزيران المقبل، ولقاء القمة الذي سيجمعه ونظيره إيمانويل ماكرون، يعود الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى لبنان في زيارة جديدة لاستئناف البحث في الملف الرئاسي. في موازاة ذلك، استدعت قطر أكثر من مسؤول لبناني لمناقشة المساعدة على انتخاب رئيس للجمهورية.

فرنسا وقطر تتحرّكان والخماسية تواصل مساعيها محاولة، حسب ما قال أحد أعضائها سفير مصر علاء موسى، إزالة العقبات وتقريب المسافات واستيلاد خارطة طريق رئاسية. على الرغم من رغم محاولات الإيحاء بالعكس، فإنّ الخماسية منزعجة ضمناً من حراك قطر وفرنسا، كلّ على انفراد، وتعتبر أن حراكهما يقلّل من مساعيها أو يشوّش عليها تشويشاً يهدّد بتحويلها من خماسية إلى ثلاثية عمّا قريب.

أمّا داخلياً فيمكن وصف وضع لبنان على أنّه متلقٍّ سلبيّ لكلّ المبادرات والصيغ المطروحة. عين الدول على الرئاسة وعين المعني الأول بالاستحقاق أي حزب الله على جبهة الجنوب. على وقع ارتفاع حدّة المعارك والمواجهات جنوباً يحضر لودريان. توسّع اسرائيل نطاق عملياتها العسكرية وتتوالى ردود حزب الله على نحو يُنبئ بصيف ساخن جنوباً بما لا يجعل من أمل قريب بانتخاب رئيس للجمهورية.

على الرغم من الفشل الذي منيت به مبادراتها، تصرّ فرنسا على مواصلة جهودها الرئاسية.

وبفرق خمسة أشهر عن موعد كان حدّده في آخر زياراته إلى لبنان، يصل الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، الثلاثاء المقبل، لمعاودة البحث في انتخابات رئاسة الجمهورية. كان أعلن حينذاك أنه سيعود إلى لبنان مطلع العام الجاري. تطوّرات كثيرة حصلت، وكان أحدها ورقة فرنسا الرئاسية التي رُدّت إلى فرنسا مع الشكر الجزيل، واتُهمت باريس عقب ذلك بأنّها تقدّمت بورقة إسرائيلية أكثر منها فرنسية. على الرغم من ذلك، تصرّ فرنسا على تجديد مبادراتها. موفدها، حسب المعلومات المتداولة، لا يحمل جديداً. وأمّا المتوقع فأن يدعو إلى طاولة حوار برعاية بلاده. لم يستجب لودريان لنصيحة رئيس مجلس النواب نبيه بري بإرجاء الزيارة لأن لا جديد رئاسياً يستحقّ البحث. أيّ جديد إن توافر لبري فلن يمنحه إلى موفد فرنسا، في حين ينتظر الموفد الأميركي إعلان هدنة كي يعود حاملاً صيغته للحلّ.

على الرغم من الفشل الذي منيت به مبادراتها، تصرّ فرنسا على مواصلة جهودها الرئاسية، وليس معلوماً هل ينوي لودريان معاودة البحث في الورقة الفرنسية التي تقدمت بها بلاده أخيراً، وتتطلع إلى فصل الاستحقاق الرئاسي عن غزة ووقف جبهة المساندة من الجنوب من جانب واحد. وخصوصاً أنّ فرنسا نالت جوابها على الورقة وقال لها حزب الله بصريح العبارة إنّ أيّ طرح لفصل الجبهات مرفوض. كما هو مرفوض أي بحث في الشأن الرئاسي ما لم تكتمل عناصر التسوية.

المضمون نفسه أُبلغت به اللجنة الخماسية، وإن أصرّت على مواصلة جهودها هي أيضاً. يقول المطّلعون على نشاطها إنّها لا تحمل جديداً يُبنى عليه بقدر ما تدعو إلى اعتماد صيغة النقاش الهادئ الذي يسبق الدعوة إلى جلسات متتالية لانتخاب رئيس للجمهورية. يرحّب الثنائي بالحوار، لكنّه لن يقبل أيّ دعوة مفتوحة إلى الانتخابات. قالها بري، ومن موقعه، يمكنه أن يدعو إلى جلسات انتخاب متقطّعة، بحيث تُختم كلّ جلسة بمحضر، بعد أن يدعو إلى جلسة للحوار في موضوع الرئاسة. كما قال أيضاً إنّه، ومن موقعه، فأيّ صيغة للحوار يجب أن تكون برئاسته لأن لا رئيس لمجلس النواب غيره. موقف يؤكّد أنّ كل دعوة إلى التشاور أو الحوار لا تكون برئاسة رئيس المجلس مرفوضة حكماً. في المقابل، فإنّ أيّ دعوة إلى حوار برئاسة بري ترفضها المعارضة.

الدوامة نفسها تعانيها الخماسية العاجزة عن إحداث خرق من خلال نشاطها المتكرّر وزياراتها المسؤولين. نشاط سفراء الخماسية لم يحل دون استكمال قطر مساعيها. نظّمت دعوات رسمية لعدد من رؤساء الأحزاب والكتل السياسية ورؤساء القادة الأمنيين. حلّ الوزير السابق وليد جنبلاط ضيفاً على الأمير القطري. موعد حُدّد بعد وساطات، كانت الرئاسة محوره الأساسي، حيث تسعى قطر إلى استمزاج الآراء بشأن كيفية انتخاب رئيس بمعزل عن حرب غزة والجنوب. ولهذه الغاية وُجّهت دعوة إلى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع لزيارتها، ومن المقرر أن يوفد ممثليْن عنه يُرجح أن يكونا النائب ملحم رياشي والوزير السابق الياس بو عاصي.

كما قطر، كذلك فرنسا التي تسعى إلى أن تلعب دوراً على هامش اجتماعات الخماسية، وإنْ أكّد سفيرا فرنسا وقطر أنّ تحرك بلادهما يدخل في صلب حراك الخماسية وليس منفصلاً عنها.

تقول مصادر مطّلعة على أجواء الخماسية إنّ اللجنة ترفض التدخّل في تفاصيل جلسات الحوار التي تقترحها أو تنوي استمزاح الآراء في شأن أسماء المرشّحين، بل تكتفي بالتمنّي على النواب انتخاب رئيس للجمهورية استعداداً للمرحلة المقبلة في حال التوصل إلى هدنة للحرب على غزة.

وجود لودريان في لبنان حدثٌ لا يُنتظر منه الكثير. أمّا حراك الخماسيّة فسيتجدّد بين الحين والحين، وإن كان امتعاض السفراء بعضهم من بعض، بلغ مرحلة من الحساسية تنذر بتفجير المساعي كلّها. كلّ ما تقدّم في كفة وجبهة الجنوب في كفّة موازية، إذ هي التي تفرض المعادلات، وفي ضوئها يحدّد موعد انتخاب الرئيس من عدمه، والوقت لا يزال مبكراً على ما تقول مصادر مطّلعة على أجواء حزب الله.