لا يمكن التّعامل مع المتلقّي العربي على أنهُ فئة واحدة، بشكل خاص أنّ الجمهور المصري يُعادل الجمهورين الخليجي والشّامي وبعض المغاربي سوياً، وقد يتجاوزُهم. كما أنّ هناك أعمال دراميّة حظيتْ بدعمِ القنوات والمنصّات، وفي طليعتها "أم بي سي" و"شاهد"، ولو أنّ العمل الذي يصلُ إليها هو شبه مضمون، فيُفترض أنهُ يُعرَضُ على لجنةِ تقييم، وبالتّالي لا أحد يخاطر بماله ما لم يتوقّعْ مسبقاً الحد الأدنى من النّجاح.

صحيح أنّ مسلسل "نعمة الأفوكاتو" للممثلة مي عمر (كتابة مهاب طارق وشاركَ في الكتابة وأخرجَهُ محمد سامي)، نالَ إشادة ومتابعة في بداية الموسم الرّمضاني 2024، لكنّهُ لم يصمدْ طويلاً، حيثُ اتجهَ إلى أحداث غير واقعيّة، كمحاولة قتل "نعمة" ودفنها، ثمّ عودتها من الموت كي تنتقمْ من زوجها! لكنّ مسلسلات مصريّة أُخرى استطاعتِ الصّمود، وكانت الأمور بخواتيهما كما يُقال. 

أربعة أعمال مصريّة حقّقتْ نسبة مشاهدة عالية، ونالت إشادةَ الجمهور، فكانت كالتّالي:

الحشاشين

بوستر مسلسل الحشاشين

بإنتاجٍ ضخمٍ قُدمَ المسلسل، تأليف عبد الرحيم كمال واخراج بيتر ميمي وبطولة كريم عبد العزيز وفتحي عبد الوهاب ونيكولا معوّض. وتدورُ الأحداثُ في إطارٍ تاريخي، في القرن الحادي عشر، حولَ طائفة دينيَّة من الشِّيعة الإسماعيليَّة تُدعى الحشَّاشُون، والتي أسّسها حسن الصّباح، حيثُ قادَ فرقة اشتهرتْ بتنفيذِ عمليات اغتيال دموية لشخصياتٍ مرموقة في تلك المرحلة. نافسَ المسلسل على الصّدارة رغم أنّهُ تاريخي غير معاصر.

حق عرب

بوستر مسلسل حق عرب

تصدّرَ "حق عرب" محرّكات البحث عبر "غوغل" و"مواقع التواصل الاجتماعي"، وهو تأليف محمود حمدان وإخراج اسماعيل فاروق، وبطولة أحمد العوضي ورياض خولي ووفاء عامر. دارتِ الأحداث حول "عرب"، الذي يسعى للهروب من ماضٍ مرير، فيُلقي هذا الماضي بظلالِهِ عليه بين الحينِ والآخر، ولا يجدُ من سبيلٍ غير التّصدي لهُ ومواجهتهُ.

المعلم

بوستر مسلسل المعلم

أمّا مسلسل "المعلم"، فيُعد الأكثر شعبيّة لدى الجمهور المصري، بحسب نسب البحث عنهُ وتتبّع أخباره، بطولة مصطفى شعبان وسهر الصايغ وهاجر أحمد وأحمد بدير وانتصار وآخرين، وتأليف محمد الشوّاف وإخراج مرقس عادل. يدورُ العملُ حول شخصية المعلم حامد، الذي يعمل كبائع سمك، يسعى لكسب سمعة مرموقة في سوق السمك، ويكون ابناً لأحد أكبر التجّار، ويسعى للإنتقام لهُ. حقّقَ المسلسل نجاحاً كبيراً، يدلُ على أنّ الجمهور ميّال للقصص الاجتماعيّة الواقعيّة، على أن يكون البطل يمتلك قوّة خارقة ويعيشُ في صراعٍ بينَ الخير والشّر بشكلٍ جَلي.

بيت الرفاعي

بوستر مسلسل بيت الرفاعي

نالَ مسلسل "بيت الرفاعي" الانتقادات، بسبب التعثّر في الحبكة بعدَ انطلاقةٍ جيّدة، لكنّهُ حافظَ على مكانةٍ متصدّرةٍ ضمن المربع الذهبي المصري، وهو بطولة أمير كرارة وأحمد رزق وسيد رجب، وتأليف بيتر ميمي وهند عبد الله وعمرو أبو زيد وإخراج أحمد نادر جلال. تدورُ الأحداث فيه حول "بيت الرفاعي"، فيُتهم "ياسين" بقتل والده "محمود"، ويصبح هارباً من العدالة في رحلته للبحث عن القاتل الحقيقي، لكن تزدادُ الأمور سوءاً حينما يحلُ "فاروق" ابن عم "ياسين" محل "محمود"، ويصبحُ المتحكمَ بالعائلةِ والثروة.

أعمال مصريّة أُخرى

بوستر مسلسل كوبرا

ومصرياً أيضاً، لمعَ مسلسل "كوبرا" لمحمد إمام، تأليف أحمد محمود أبو زيد وإخراج أحمد شفيق، لكنهُ يخرج عن إطار منافسة الأعمال الأُخرى لأنهُ مسلسل قصير، وبالتّالي من الطبيعي أن تكون الأحداث فيه مرصوصة بلا أي حشو. أمّا مسلسل "شمال إجباري" للبطلين الشّابين أحمد كرارة وإيمي، فقد نالَ استحسان الجمهور، وهو تأليف خالد الغيطاني وإخراج محمد خضري. و"العتاولة" لأحمد السقا لم يكن بالمستوى المطلوب كما كان يُفترض باعتباره يضم أسماءً كبيرة أبرزها أحمد السقا، وكذلك الحال مع "فراولة" لنيللي كريم في حلقات من الكوميديا، ولم يكلّلْ أيضاً "كامل العدد" في جزئه الجديد لدينا الشربيني نجاحَ الجزء السّابق، بينما خابتِ الآمال في مسلسل "صيد العقارب" لغادة عبد الرازق التي لم يعتدها الجمهور ربّما بدور الشخصية المكسورة، ولم يحظَ "امبراطورية ميم" لخالد النبوي على النجاح المطلوب، وكذلك الحال بالنسبة لـِ "عتبات البهجة" للكبير يحيى الفخراني.

"مسلسل ماغي بو غصن" والمسلسلات السورية البارزة

بوستر ع أمل

وكالأعوام السّابقة، تضمنُ ماغي بو غصن نجاحها في عملٍ من بطولتها بعنوان "ع أمل" (تأليف نادين جابر وإخراج رامي حنا)، بينما أطلتْ نادين نسيب نجيم في تجربة المسلسلات القصيرة، ضمن الجزء الثاني من مسلسل "2020" بعنوان "2024" تأليف بلال شحادات وإخراج فيليب أسمر، لكنّ نجاحها لم يتخطَ لبنانياً نجاحَ ماغي. وفي سوريا، استطاعَ المخرج سيف السبيعي أن يكسب الرهان في مسلسلين على قاعدة "الأمور بخواتمها" كما كتبَ على صفحته، في الجزء الثاني من "العربجي" (كتابة مؤيد النابلسي وعثمان جحا) و"مال القبان" (كتابة علي وجيه ويامن حجلي) والذي كانَ من المفترض أن يُعرض العام الماضي. بينما تراجعَ تيم حسن في مسلسل "تاج" (تأليف عمر أبو سعدا وإخراج سامر البرقاوي)، مقارنةً بالنجاح الذي حققهُ العام الماضي في "الزند"، رغم القيمة الفنيّة الكبيرة لـ "تاج"، كقصة وإخراج. ووضعتْ أمل عرفة في رمضان ثقلها كممثلة لها رؤيتها ضمن مشروعٍ قادتهُ مع المخرج مؤمن الملا والكاتبين لؤي النوري وأحمد الملا "في أغمض عينيك"، الذي عالجَ قضيّة طيف التوحد. أمّا في "ولاد بديعة"، نجحتِ الشعبويّة الذكيّة للكاتبَين علي وجيه ويامن حجلي بإخراج رشا شربتجي، في شدِ الجمهور ضمن قصّة تعرضُ صراعاتٍ داخليّة لشخصيات تربّتْ في مجتمعِ الدّباغات، بطولة سلافة معمار ومحمود نصر ويامن حجلي واسماعيل اسماعيل، والملفت بالعمل الأداء المتقن للممثلين مجتمعين سواء الأبطال أو المشاركين في أدوارٍ ثانويّة.

بينما "نقطة انتهى" لعابد فهد و"بيت أهلي" لأيمن زيدان وسلوم حداد، لم يكسبا الرهان، بالإضافة لمسلسلات أُخرى مثل "الصديقات"، اللواتي قمنَ ببطولته ممثلات سوريّات مثل صباح الجزائري ورنا شميس ونظلي الروّاس. 

بوستر زوجة واحدة لا تكفي

خليجياً، أثارَ مسلسل "زوجة واحدة لا تكفي" الجدل في المجتمع الكويتي، وعوقب صنّاعه، عبرَ إصدار قرار من وزارة الإعلام الكويتيّة بإلغاء مسرحية لكاتبة المسلسل، كان يُفترض أن تُعرض في العيد، و"زوجة واحدة لا تكفي" تأليف هبة مشاري وإخراج علي العلي وبطولة هدى حسين وماجد المصري، عارضاً قضية تعدّد الزّوجات والعلاقات غير الشرعيّة في المجتمع الخليجي، فاتُهم العمل بأنهُ "يشوّه صورة المجتمع الخليجي".

بعدَ رمضان، ستُعرض الأعمال للمرة الثانية، برويّة وهدوء، وربما يختارُ المشاهدُ متابعةَ العملِ الذي أُعجبَ بأصدائه أو قصته، ولم يستطع مشاهدته في "زحمة الموسم"، لكن هل يمتلك الوقت لذلك، طالما أنهُ على موعدٍ آخرٍ مع "الأعمال المعرّبة" التي صوّرتْ في تركيا، والتي باتتْ تحتلُ الصّدارة طوالَ العام؟