ملتهباً انطلق الأسبوع الأخير من شباط الجاري، في اِثنين لا يشبه أيّ يوم منذ انتهاء عدوان تموز 2006، إذ شهد تصعيداً عسكرياً بين المقاومة والعدو الإسرائيلي، كاد يلامس الحرب المفتوحة من حيث الكمّية والنوعيّة. فقد شهدت مدينة بعلبك ضربة جوية استهدفت مخازن مواد غذائية تابعة لمؤسسة السجاد الغذائية، رداً على رسالة وجهها حزب الله صباحاً إلى الجيش الإسرائيلي عقب إسقاطه طائرة مسيّرة من نوع هيرمز - 450 في سماء الجنوب، مفعّلاً بذلك "وحدة الدفاع الجوّي" في إطار تشكيلاته القتالية.

أمّا على المقلب الآخر من العالم وفي مشهد أعاد إلى الأذهان الشرارة التي أطلقت ما يسمّى "الربيع العربي"، قبل نحو عقد ونصف من الزمن إبان إضرام الشاب التونسي محمد البوعزيزي النار بنفسه، فقد أشعل ضابط في البحرية الأميركية نفسه أمام السفارة الإسرائيلية في واشطن احتجاجاً على الإبادة الجماعية التي تحصل في غزة.

إسرائيل والحزب يستعدان للحرب الكبرى التي لا يريدانها حتّى الساعة

مصادر عسكرية مواكبة أفادت في حديث لـ"الصفا نيوز"، بأنّ ما حصل بالأمس لا يرقى إلى منطق الحرب الشاملة بل هو بمنزلة تهيئة الأرضية للمعركة الكبرى، إذ تسعى إسرائيل إلى جسّ نبض بشأن إمكانات الحزب العسكرية، قائلة: "باتت الجبهة اللبنانية منفصلة عن جبهة غزّة بغضّ النّظر عمّا إذا كانت إسرائيل ستتوصل في القريب العاجل إلى هدنة مع حركة المقاومة حماس في غزّة أم لا".

وتضيف المصادر نفسها: "من خلال استهداف الحزب اليوم للمسيّرة الإسرائيلية هيرمز-450، أراد حزب الله القول للعدو الإسرائيلي إنّه بعدما فقدت التفوّق البرّي والبحري إبان عدوان تموز 2006، فإنّ الحرب المقبلة ستفقدك التفوّق الجوي أيضاً"، أمّا عن دلالات استهداف مدينة بعلبك وهو الأول من نوعه منذ 2006، فتتابع: "إسرائيل تهدف إلى جرّ حزب الله للردّ بالأسلحة الدقيقة نحو العمق الإسرائيلي لمسافة مماثلة (70 أو 80 كلم) حتّى يتمكّن العدو من تهيئة نفسه لكيفية تعامله مع هذا النوع من الصواريخ".

وتختم: "هذه معركة ما قبل الحرب بغضّ النظر عن مسألة توقيت اتّخاذ القرار بالذهاب إليها"، جازمة بأنّ الجهتين حتّى الساعة لا تريدان الحرب إلّا إذا فُرضت على طرف دون الآخر، حينذاك تصبح بحكم الواقعة لا محالة".

طيار في البحرية الأميركية يضرم النار بنفسه رافضاً أن يكون متواطئاً في الإبادة الجماعية

في سياق متصل، أكَّدت وزارة الدفاع الأميركية، أمس، وفاة طيار في البحرية الأميركية أحرق نفسه أمام سفارة إسرائيل بواشنطن احتجاجاً على الحرب في غزّة.

وتوفي الطيار آرون بوشنيل (25 عاماً) متأثّراً بالحروق الخطيرة التي أصيب بها. وتأتي الحادثة وسط تصاعد الاحتجاجات في الولايات المتحدة على الحرب المستمرّة في غزّة.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت في وقت سابق عن متحدثة باسم سلاح الجو الأميركي أنّ بوشنل أضرم النار في جسده خارج سفارة إسرائيل بواشنطن بعد ظهر أمس الأحد في "عمل احتجاجي على ما يبدو على الحرب في غزّة".

وفي تسجيل مصوّر بثّه على الهواء مباشرة عبر الإنترنت، قال بوشنيل وكان يرتدي الزي العسكري إنّه لن يكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية، وذلك قبل أن يضرم النار في نفسه وهو يصرخ "فلسطين حرة".

ونقلت الصحيفة نفسها عن الطيار أنّه صرخ مراراً وتكراراً "فلسطين حرة"، كما قال قبيل إضرام النار في جسده "لن أكون متواطئاً بعد الآن في الإبادة الجماعية".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ الاحتجاجات ضدّ إسرائيل باتت حدثاً شبه يومي في الولايات المتحدة منذ أن بدأت إسرائيل حربها على غزّة.

بعلبك تدخل الميدان القتالي مع العدو الإسرائيلي

وبالعودة إلى الميدان الجنوبي - البعلبكي، استهدفت طائرة مسيّرة إسرائيلية بعد ظهر أمس، الإثنين، سيارة في منطقة المجادل في قضاء صور. وأعلن "حزب الله"لاحقاً في بيان استشهاد أحد عناصره حسن حسين سلامي "محمود" مواليد عام 1974 من بلدة خربة سلم الجنوبية.

كذلك أعلن الجيش الإسرائيلي في بيان تبنّيه عملية استهداف مسؤول منطقة الحجير في "حزب الله"، مضيفاً بأنّ"سلامي كان ينتمي إلى "وحدة ناصر" في "حزب الله"، وقد قاد عدّة عمليات ضدّ مواقع مدنية وعسكرية إسرائيلية".

وتابع: "سلامي حرص على تنسيق عمليات عديدة، بما في ذلك إطلاق قذائف مضادة للدروع نحو منطقة كريات شمونة ومقر قيادة اللواء 769".

وفي وقت سابق، أعلن "حزب الله" في بيان استهدافه قوّة اسرائيلية فجراً، في موقع البغدادي ومحيطه بالأسلحة الصاروخية وتمّت إصابتها إصابة مباشرة". كما أفادت وحدة الدفاع الجوّي في "حزب الله" بإسقاطها طائرة مسيّرة شمال الليطاني‏. وقال "حزب الله" في بيان إنَّ وحدة الدفاع الجوي للحزب أسقطت مسيّرة إسرائيلية كبيرة من نوع "هرمز-450" بصاروخ أرض جو فوق منطقة إقليم التفاح.

في المقابل، سجّلت غارات إسرائيلية على إقليم التفاح استهدفت المنطقة الواقعة بين الجرمق والجبل الرفيع. وقد اشارت القناة 12 الإسرائيلية إلى أنّ "هدف الغارات على إقليم التفاح كان أيضاً تدمير ما تبقى من مسيرة أسقطها حزب الله"، في حين استهدف قصف مدفعي إسرائيلي كفركلا وأطراف بلدة الجبّين.

وفي حين تحدّث الإعلام العبري عن سقوط صاروخين مضادين للدروع في شتولا في الجليل الأعلى، أعلن "حزب الله" "استهداف تجمّع لجنود العدو الإسرائيلي في محيط موقع حدب يارين بالأسلحة الصاروخية، وثكنة برانيت وموقع رويسات العلم وموقع الرادار وحقّق إصابات مباشرة.

كذلك أعلن حزب الله لاحقاً عن استهدافه مقرّ قيادة ‏فرقة الجولان في نفح بـ60 صاروخ كاتيوشا، رداً على القصف الإسرائيلي الذي استهدف موقعاً للحزب في بعلبك صباحاً، كما نشر "حزب الله" معلومات عن عمل قاعدة نفح وتوصيفها: ‏

‏- مقر قيادة الفرقة الإقليمية 210 (الجولان) مقر قيادة اللواء الإقليمي 474 ‏

- عيادة اللواء الإقليمي 474‏

- معسكر عوز مقر قيادة الكتيبة المدرعة 77 ‏

- مستوى قيادي من فوج المدفعية 209 ‏

- تشكيلات برية من القوات المتدربة في معسكرات الجولان

- مقر قيادي فرقي أمامي في حالات الطوارئ وقيادة أمامية لتشكيلات تعمل على الاتجاه السوري

- محطة اتصالات قيادية وتكتيكية أفيك رهاف وايتاكس

‏- مشغل صيانة أمامي لوحدة التسليح الإقليمية الشمالية لصيانة الآليات المدرعة.‏

وفي تطوّر عسكري لافت، شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي قبل ظهر أمس، غارات استهدفت مخازن غذائية تابعة لمؤسسة السجاد في منطقة حوش تلّ صفية على الطريق بين عدوس وبوداي، وقد أدّت إلى استشهاد اثنين من عناصر الحزب (حسن علي يونس من بلدة بريتال وأحمد محمد سنديان من بلدة علي النهري البقاعية)، وجرح 6 أشخاص، بينهم عنصر من الجيش اللبناني وصفت حالتهم بالمستقرّة بعدما نقلوا إلى مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس-بعلبك.

وشنّت المقاتلات الإسرائيلية أيضاً سلسلة غارات على عيتا الشعب، وأطراف برغز قضاء حاصبيا. وأعلن جيش العدو، قرابة الثامنة مساء، استهدافه موقعاً أطلقت منه صواريخ على الجولان.