مجموعة من التساؤلات الطارئة حول حركة الطائرات العسكرية الأجنبية إلى لبنان خلال الشهر الفائت، والتي أثارت بالنّسبة للحزب الكثير من الشبهات فيما لم يحصل على جواب شافٍ بشأنها

التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون معركة كانت قد انطلقت خلال زيارة المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين ما قبل الأخيرة إلى لبنان في 30 آب المنصرم، يومها قام هوكشتاين بجولة سياسية - سياحية بدأت بتناول منقوشة زعتر في أحد مقاهي بيروت قبالة صخرة الروشة مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ومن ثم لقاءات جمعته بكلّ من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وبعدها توجه إلى بعلبك زائراً قلعتها التاريخية، وختاماً "عشاء عمل مُثمر" مع قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف على حد وصف بيان السفارة الأميركية. 

في ذلك الوقت وضعت وسائل الإعلام اللبنانية الحدث في سياق دعم الولايات المتحدة المتواصل والمعلن لـ"عون" للوصول إلى سدّة رئاسة الجمهورية، إلّا أنّ واشنطن نفسها كانت تُدرك أكثر من غيرها أنّ المعركة الرئاسية مؤجّلة ربّما إلى ما بعد 14 كانون الأول المقبل (موعد نهاية ولاية عون في قيادة الجيش) نظراً للظروف الإقليمية المعقّدة حينها، والتي تعقّدت أكثر فأكثر بعد عملية طوفان الأقصى في الـ7 من تشرين الأول الفائت. 

حزب الله لا يُبدي حماسة لمسألة التمديد إذ يربطها بمجموعة من التساؤلات الطارئة

عين التينة تضع الحفاظ على المؤسسة العسكرية واستقرارها هدفاً أولاً في أيّ تحرك سياسي - تشريعي مُقبل من الممكن أن يقدم عليه الرئيس بري بعد انقضاء الأسبوعين المقبلين، إذ تشدّد مصادرها لـ"الصفا نيوز"، على أهمية أيّ تحرك حكومي محتمل يقترن بمخارج قانونية من اليوم وحتّى اواخر الشهر الحالي، مؤكّدةً أنّ المجلس النيابي لن يتردّد بالقيام بواجباته القانونية في حال فشلت الحكومة في اجتياز هذه العقبة عبر تطيير نصاب الجلسات. 

وتوضح المصادر أهمية التوافق بين المكوّنات اللبنانية (المارونية أولاً) حول استحقاق بهذا الحجم من أجل الحفاظ على الاستقرار في المؤسسة العسكرية، والذي ينسحب بطبيعة الحال استقراراً على البلاد في ظلّ ما تشهده المنطقة وتحديداً جنوب لبنان.

وفي السياق، قد بات واضحاً أنّ المعارضة التي تقاطعت يوماً على دعم الوزير الأسبق جهاد أزعور لرئاسة الجمهورية، هي نفسها تتقاطع اليوم على التمديد لقائد الجيش ولكن من دون التيار الوطني الحر، ليحلّ مكانه مسيحياً تيار المردة ولكن بتمثيل نيابي ماروني أقل، والذي سرعان ما بدَّل رئيسه الوزير الاسبق سليمان فرنجية رأيه من معارض للتمديد إلى مُتريث ليرى المسار الذي ستسلكه الأمور قانونياً وسياسياً، وفي كلّ الأحوال فـ"المردة" لن يُغرد خارج السرب الذي يدعمه رئاسياً أي الثنائي الشيعي، وحتماً لن يكون خياره متعارضاً مع عين التينة. 

 حزب الله من جهته لا يُبدي حماسة لمسألة التمديد إذ يربطها بمجموعة من التساؤلات الطارئة حول حركة الطائرات العسكرية الأجنبية إلى لبنان خلال الشهر الفائت، والتي أثارت بالنّسبة إليه الكثير من الشبهات والتي لم يحصل على جواب شافٍ بشأنها، حول ما تحمل خصوصاً تلك التي تهبط في القواعد الجويّة العسكريّة بعد أن تطفئ إشاراتها لمنع تعقبها (32 طائرة عسكرية هبطت في مطار رفيق الحريري الدولي وقاعدة حامات العسكرية الجوية في غضون شهر منذ توتّر الأوضاع عقب عملية طوفان الأقصى). 

من جهتها، تشدّد مصادر اللقاء الديموقراطي لـ"الصفا نيوز"، على أهمية تجنب الفراغ بالمؤسسة العسكرية أولاً، وفيما لا تبدي أيّة ممانعة للتمديد لـعون، بعد تعيين مجلس عسكري جديد، تضع زيارة رئيس اللقاء تيمور جنبلاط إلى البترون ولقاءه رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل منذ أيام، في سياق الانفتاح على كلّ القوى السياسية ليس إلا. 

وفي وقت سابق، جاهرت بكركي على لسان سيدها البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وبأكثر من مناسبة بدعم التمديد لقائد الجيش، خوفاً من أن يتسلّل الفراغ الماروني إلى المؤسسة العسكرية بعد رئاسة الجمهورية وحاكمية مصرف لبنان. وبموقف بكركي يتسلّح ميقاتي، لاجتراح الفتاوى الدستورية التي تمكّنه من تجاوز صلاحيات وزير الدفاع الوطني موريس سليم القاضية بالتقدّم باقتراح التمديد والتوقيع عليه، حيث لا داعي لذكر الأسباب التي تمنع الاخير من ذلك (محسوب على التيار الوطني الحر وبالتالي سيتبنى خياره بالاضافة إلى أنّ فترة تولّيه وزارة الدفاع اتسمت بكثير من الخلافات مع قائد الجيش والتي خرج بعضها الى العلن).

أمام كلّ هذه الوقائع فإنّ قيادة الجيش أمام خيارات عديدة يبقى أكثرها احتمالية تعيين قائد جيش جديد مع مجلس عسكري خلال جلسة وزراية تعقد على هذا الأساس، أو اقتراح يقدّمه وزير الدفاع يقضي بتأجيل تسريح عون لأجل محدد، وإمّا تولّي رئيس الأركان (بعد تعيينه) مهمات قائد الجيش بالإنابة فور إحالة هذا الأخير على التقاعد، لتسيير شؤون المؤسسة العسكرية تطبيقاً للنصّ الوارد في قانون الدّفاع الوطني وجرياً على العادة التي اعتمدت بأكثر من موقع مثل المديرية العامة للأمن العام وحاكمية مصرف لبنان.