ترجع مصادر ديبلوماسية السبب في ذلك إلى خلاف وقع بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة والإمارات العربية من جهة ثانية حول حرّيّة حركة قوات اليونيفيل في جنوب لبنان واللتين اعتبرتا أنّ "القرار أضعف بعضاً من الصياغة المتعلّقة بقدرة قوات الأمم المتحدة على التحرّك بحرّية".

هو بالنسبة للبنان إستعادة حق وبالنسبة لـ"إسرائيل" ولكبير مستشاري الإدارة الأميركية لشؤون الطاقة المفاوض آموس هوكشتاين "ترسيم حدود برّيّة"، ولأنّ التجربة التي اعتمدت من قبل الجانب اللبناني مع "إسرائيل" أثبتت جدارتها في إنجاز ترسيم الحدود البحريّة، فمن المرجّح أن تشهد الأيّام القليلة المقبلة تصعيداً على طول الشريط الحدودي الجنوبي، خصوصاً وأنّ الحزب استبق كل ذلك بنصب "خيمتين" الشّهر الفائت في مزارع شبعا متعمّداً تحريك الملف دوليّاً لإرغام إسرائيل على إيقاف أنشطتها في تلك المنطقة، من محاولات ضمّ للقسم الشمالي الواقع في الأراضي اللبنانية من بلدة الغجر وعزلها عبر وضع شريط شائك أولاً، ومن ثمّ البدء ببناء جدار اسمنتي على الرّغم من المحاولات الكثيرة التي قام بها الجيش اللبناني بالتّنسيق مع قوّات الطوارئ الدولية العاملة في جنوب لبنان "اليونيفيل" لإيقاف تلك الاعتدءات إلّا أنّها بقيت من دون جدوى.

وعلى بعد نحو سنة وشهرين اثنين من اليوم نجحت 3 طائرات مسيّرة غير مسلّحة تابعة لحزب الله بالتحليق فوق حقل كاريش ورسم معادلة واضحة، "للتنقيب عن غاز كاريش مقابل التنقيب عن غاز قانا"، ورغم إعلان إسرائيل حينها عن إسقاط تلك المسيّرات إلّا أنّ هوكشتاين سارع آنذاك واتّصل بالسلطات اللبنانية لإبلاغها بأنّ "حقل قانا أصبح بالكامل لكم"، والردّ على الاتصال من قبل الحزب كان "هذه الرسالة كافية لنتوقّف عن استكمال أيّ نشاط عسكري حاليّاً"، وهذا بالّتحديد ما يريد أن يصل إليه حزب الله من خلال الخيمتين، وهو الإحتكام إلى ما هو ثابت لدى الأمم المتحدة بالوثائق والخرائط منذ عشرينيات القرن الماضي بشأن الحدود اللبنانية - الفلسطينية. ويرى الحزب أنّ هذه المهمة أكثر سهولةً من مهمّة التّرسيم البحري.

إذاً هذه هي مهمّة هوكشتاين الرئيسة التي حضر من أجلها إلى لبنان بينما "المنقوشة" التي تناولها مع السفيرة الأميركية "دوروثي شيا" فور وصوله أمس إلى بيروت والأحاديث الرئاسية واستجرار الغاز من مصر، كلّها بنود ثانوية على جدول أعمال زيارته التي تزامنت مع تأجيل تصويت مجلس الأمن الدولي وبشكل مفاجئ على قرار التمديد لليونيفيل، حيث لا يمكن إلّا ربطها بالضغط الذي يمارس على الوفد الدبلوماسي اللبناني الذي يرأسه وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب في أروقة مجلس الأمن الدولي. وترجع مصادر ديبلوماسية السبب في ذلك إلى خلاف وقع بين فرنسا من جهة والولايات المتحدة والإمارات العربية من جهة ثانية حول حرّيّة حركة قوات اليونيفيل في جنوب لبنان واللتين اعتبرتا أنّ "القرار أضعف بعضاً من الصياغة المتعلّقة بقدرة قوات الأمم المتحدة على التحرّك بحرّية". هذا ما تناقلته ونشرته وكالات الأنباء، بينما الواقع ينذر بما هو أسوأ من ذلك بكثير، فإسرائيل لم تأل جهداً على مدى الأسبوع الفائت للضغط على لبنان، حتّى أنّ وزير الحرب الإسرائيلي "يوآف غالانت" حضر شخصياً إلى نيويورك للإشراف على قرار التمديد بنفسه.

ووفق مصادر مواكبة فمن المتوقّع العودة إلى إقتراح فرنسا الذي تقدّمت به كمشروع حول تمديد مهمة حفظ اليونيفيل لمدة عام آخر مع حرية التنقّل ولكن بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية.

عين التينة: واشنطن ما تزال داعمة لقائد الجيش

تنفي مصادر عين التينة أن يكون اللقاء الذي جمع رئيس المجلس النيابي نبيه بري وهوكشتاين قد اقتصر النّقاش فيه حول ملفّ واحد، إنّما تناول كلّ المواضيع المثارة في الداخل اللبناني بما فيها الموضوع الرئاسي، مشيرةً إلى أنّها لمست من نقاش هوكشتاين استمرار دعم واشنطن لقائد الجيش العماد جوزيف عون كخيار رئاسي محتمل.

كذلك، تشدّد المصادر على أنّ بري كان حاسماً خلال الحديث الذي تناول مسألة ترسيم الحدود البرّيّة مع لبنان وضرورة الضغط على إسرائيل لإلزامها بالقرارات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي والذي يُلزم اسرائيل بالانسحاب من الشّطر الشمالي لبلدة الغجر ومزارع شبعا وتلال كفر شوبا إلى نقطة الـ"B1" من أجل الحفاظ على الاستقرار على الحدود الجنوبية.

وجدّد بري خلال لقائه المبعوث الأميركي تمسك لبنان بعمل قوات الطوارئ الّدّولية تحت الفصل السادس معلّلاً ورود عبارة "التنسيق مع الحكومة اللبنانية" في قرار التجديد الجديد الذي اقترحته فرنسا بأنّ الحكومة اللبنانية ستكلّف الجيش اللبناني بالتنسيق مع اليونيفيل.

من جهة ثانية، توضح المصادر أنّ عين التينة على اطلاع دائم حول تفاصيل الحوار الدائر بين التيّار الوطني الحرّ والحزب، كاشفةً عن حرص الأخير بوضع برّي بصورة التطوّرات في هذا الملف والذي لم تعد المطالب المتبادلة فيه سرّاً لجهة نقاش مسألة اللامركزية الإدارية والمالية الموسّعة والتي تنتظر من الحزب الوصول إلى تقريب وجهات النّظر والتوصّل إلى صيغة نهائية لمعرفة ما ستؤول إليه الأمور، وبعدها يبنى على الشيء مقتضاه.

التيار عن الحوار مع الحزب: البحث بات بالعمق

من جهته، التيار الوطني الحر يُحسن الظنّ بحركة الموفدين الدوليين إلى لبنان، إذ تعتبر أوساطه أنّ ذلك يصب في مصلحة لبنان ومساعدته، فيما تبدي كامل استعدادها للتّحاور والتّعاون مع أيّ موفد أجنبي.

وفي ما يخصّ الحوار القائم مع حزب الله، تشدّد الأوساط نفسها على مدى جدّيته وأنّ البحث بات بالعمق من دون الافصاح ما إذا دخل مرحلة "الأسماء"، مستبعدة في الوقت نفسه أن يكون لبرّي أيّ تأثير مباشر على نفس الحوار، فيما ترى أنّ ترجمة نتائج الحوار تحتاج طبعاً إلى قبول الأفرقاء الآخرين وعلى رأسهم بري. 

كذلك، تكشف أنّ "اللامركزية الإداريّة والماليّة الموسّعة التي يطالب التيار بإقرارها تُفقد برّي السيطرة الكاملة على مصادر تمويل المشاريع عبر وزارة المال التي يشغلها وزراء من حركة أمل منذ سنوات".